بانوراما



رسالة من مشاهير كولونيا بخصوص أحداث ليلة رأس السنة بمثابة خطاب مفتوح

24-01-2016 06:47:42

رسالة كولونيا هي نص كتابي لمشاهير من مواطني مدينة كولونيا. ومن بين الموقعين على تلك الرسالة نويد كرماني، فيرنر شبينر، فولفغانغ نيدكن، شتيفان باخمان، فاتح شفيق أغلو، وكريستيانه فوبن. ويشارك في الحملة الصحف المحلية التالية: كولنر شتات انتسايغر، كولنيشه روندشاو، غنرال أنتسايغر (التي تصدر في بون) وكذلك صحيفة "راينيشه بوست"، التي تصدر في دوسلدورف.

 

في الثاني والعشرين من كانون ثاني

إننا نحب كولونيا ونعتز بها. إننا نحب تنوع الحياة في مدينتنا، ونعتز بهيامها بالحياة، نهوى ما فيها من ملامح توحي بشيء من الفوضوية، فهي، حتى وإن لم تمتثل كلية لضوابط صارمة، وترفض التقيد كلية بمألوف الأدب والذوق، إلا أنها تعلي أيضاً من كرم الضيافة والانفتاح على أساليب حياة وثقافات ولغات، قد تترك، للوهلة الأولى، الانطباع بأنها مثيرة للاستغراب، لكنها سرعان ما تغدو أساليب مألوفة في حياتنا اليومية. إننا نحب إرادة مدينتنا على الحياة، نعتز أيضاً بتصميمها على جعل النازحين، خلال فترة زمنية قصيرة، مواطنين يعتبرون كولونيا مدينتهم التي يعتزون بها. ونتحسس، في ذات الوقت، أن كولونيا مدينة تاريخية، تقع على ضفاف نهر يخترقها بروح مطمئنة يوماً بعد آخر، وربما تمنحنا هذه الظاهرة شيئاً من الطمأنينة وراحة البال، والثقة بأن لا نرى في كل خبر سيء كارثة آتية، وأن نفكر، حتى عندما يهبط نادينا الرياضي من نوادي الدرجة الأولى إلى ناد من الدرجة الثانية، بأن أمامنا فرصة للتأهل إلى بطولة الأبطال. فحتمية الخروج من المأزق إن عاجلاً أو آجلاً هو شعارنا في الحياة.

وربما بدت حرارة مشاعرنا الوطنية المحلية أمراً مستغرباً، فتسليط الضوء على مدينتنا من منظور خارجي، يبين –  وهذه حقيقة نعترف بها فيما بيننا طواعية - أن كولونيا، المدينة التي كانت جوهرة قبل أن يلحق بها الدمار، الذي تعرضت له خلال الفترة الواقعة بين عام 1942 وعام 1945، ما عادت، منذ ذلك الحين، تتصف بجمالها السابق. إلا أن القبح، الذي خلفته الحرب من ناحية، وإهمالنا أيضاً، الذي ترك بصماته على شوارعنا وساحاتنا، والكارثة التي أسفرت عن انهيار أرشيف التاريخ، ربما امتحن هذا كله قدراتنا على تحمل المصائب، إلا أنه لم يقلل من حبنا لمدينتا أبداً، إن العكس هو الصحيح: فالعطب المشهود وعدم اتصاف المدينة بالكمال، يعمق من شغفنا بمدينتنا. فمن خلال هذه الانتكاسات، تتولد لدينا القناعة بأن الواجب يفرض علينا أن نعير مدينتنا جل اهتمامنا، لكي تبقى ذه المدينة مدينتا التي نحبها ونعتز بها.

إن الأحداث، التي درات في محيط محطة القطار الرئيسية خلال الاحتفال برأس السنة الميلادية الجديدة، حدث أثار مشاعرنا، وولد لدينا الاضطراب. فالكثير من النساء والفتيات تعرضن إلى تحرشات جنسية وأعمال عنف مختلفة، تعرضن إلى ممارسات إجرامية توحي بأنها كانت من صنع عصابات منظمة. والمؤسف هو أن السلطات، المسؤولة عن تأمين سلامتنا، وقفت مكتوفة اليدين، لا قدرة لديها على تقديم المساعدة المرجوة منها، ففي بادئ الأمر هون المسؤولون من أبعاد هذه الجريمة البشعة، التي عصفت في قلب مدينتنا، لا بل إنهم حاولوا التستر عليها وتجاهلها. إن الفزع، والاتهامات المتبادلة، وعدم إعطاء جواب مقنع عن مسائل واستفسارات كثيرة، وتقارير صحفية اتسم بعضها بغضب شديد، والأحاديث والسجالات المهيمنة، منذ ليلة عيد رأس السنة، على الحياة اليومية في مدينتنا، تكاد أن تفلح في تمزيق وحدة مجتمعنا. ويزداد الفزع من هذا الاحتمال، خاصة حينما نأخذ بالاعتبار أننا نعيش في زمن يشهد باستمرار على أن الصراعات الثقافية والعرقية تقود في كثير من الأحيان إلى استخدام شتى أساليب العنف المكشوف.

أن الإرهاب الجهادي، الذي يقتل الأبرياء في تشتى ربوع العالم، بات يركز أنظاره على ألمانيا أيضاً. والملاحظ هو أن المتطرفين اليمينيين الألمان قد شنوا، خلال عام واحد فقط، خلال العام المنصرم، حوالي ألف اعتداء على بيوت اللاجئين. من ناحية أخرى، تعرضت السيدة عمدة مدينة كولونيا، قبل يوم واحد من فوزها بالانتخابات البلدية، لطعنة بالسكين أسفرت عن إصابتها بجراح بليغة لا لشيء إلا لأنها اتخذت موقفاً إيجابياً في مسألة اللجوء. وقبل بضعة أيام فقط، شاهدنا في كولونيا، بامتعاض شديد، قيام أنصار الحركة المناهضة للإسلام Pegida يعربدون ويخلون بالنظام في الساحة الواقعة أمام محطة القطار بلا وزاع يردعهم، على صعيد آخر شرع مجهولون، بعد ذلك بفترة وجيزة، وفي وسط مدينة كولونيا، بمطاردة وملاحقة أناس ينحدرون من أصول أجنبية. أضف إلى هذا، أن مقدمي العون للاجئين وأنصار تنظيمات المجتمع المدني، والكثير من السياسيين، الذين ساندوا استقبال اللاجئين في الشهور المنصرمة، قد اعرضوا إلى حملات ظالمة تتهمهم بأنهم سذج بلهاء، هذا إن لم يُتهمون بأنهم خونة لا يهمهم مصير وطنهم. من ناحية أخرى، خيم على مجموعات من المواطنين، الشعور بأن الواجب يفرض عليهم ألا يبوحوا برأيهم بشأن اللجوء، لكي لا يُتهموا، بلا تمييز وبدون تقصي للحقائق، بمعاداة الأجانب.

وللوقوف في وجه عملية الاستقطاب السائدة في مجتمعنا، فإن من الأهمية بمكان، التذكير بالمناحي الجامعة للشمل والموحدة للصفوف – على خلفية الأحداث التي خيمت على الاحتفالات بعيد رأس السنة الجديدة بنحو مخصوص. فمهما اختلفنا من حيث الجنس والعمر، والأصل الذي ننحدر منه، والعقيدة الدينية التي نؤمن بها، والمهنة التي نمارسها، والميول الجنسية التي تدغدغ مشاعرنا، والأهواء الشخصية التي تتحكم بمسيرتنا، - نعم برغم اختلافاتنا هذه، فإننا جميعاً نتطلع للعيش في كولونيا بأمن وسلام، ونريد التحرك بحرية  وحصافة. من هنا، فإننا سجلنا أربعة مطالب، اعتقاداً منا أن الاهتمام بها لا يقتصر علينا فحسب. كما أضفنا تفسيرات لكل مطلب من هذه المطالب، وإن كنا على بينة بأن هذا التبرير أو ذاك قد يستفز البعض للاعتراض عليه – وهذا أمر لا بأس به طبعاً، طالما كان الاعتراض بناءً في محتواه، ولا يجرح المشاعر في لهجته. فبحسب وجهة نظرنا، لا شيء أكثر أهمية من إسباغ الموضوعية على السجال، الذي بات يسيطر علينا في كولونيا، وخارج كولونيا، عن حق، ولأسباب مشروعة، منذ ليلة عيد رأس السنة الميلادية.

إن الاعتداءات الجنسية أمر شائع في غالبية، لا بل في كافة المجتمعات والثقافات. ومهما كانت الحال، ففي ليلة عيد رأس السنة الميلادية، قام بالاعتداءات والتحرشات الجنسية الصارخة، في محيط محطة القطار الرئيسية، شباب ينحدرون من شمال أفريقية ومن أصول عربية. وحتى إن أخذنا بالاعتبار احتمال أن تكون المشروبات الكحولية والمخدرات قد تظافرت فصعدت من فعل دينامية الجماعة، فإن من الغباء طبعاً تجاهل أن هذه الممارسات الوحشية قد عكست نظرة للمرأة مشوبة بالكثير من الجور والتعالي. فليس منذ ليلة عيد رأس السنة الجديدة، بل من قبل ذلك بكثير، نحن على علم أكيد أن بعض الشباب، المنحدرين من بيئات معينة، يعانون من إشكاليات غاية في التعقيد بخصوص المساواة بين المرأة والرجل. فشعور العظمة الذي يسيطر على بعض الرجال عند تعاملهم مع النساء، يلحظه المرء، المرة تلو الأخرى، في البيئات التي ينحدر منها مواطنون عرب أو مواطنون ينحدرون من الشرق الأوسط. إن التأكيد على هذه الملاحظة ليس أمراً من حقنا الإشارة إليه فحسب، بل هو من واجبنا، أيضاً،، إذا كنا قد نريد، فعلاً، التدليل على أن كرامة المرأة موضوع لا يمكننا التفريط به أبداً وفي أي مكان. فالوقوف على كنه العوامل الانفعالية والاجتماعية والثقافية المسببة لاستخدام العنف، هو الأمر الذي يمكننا من التغلب على العنف أيضاً.

وغني عن البيان، أنه لا يجوز لنا الاعتقاد بأن العنف يبدأ، أول ما يبدأ، حال شروع الرجال بممارسة الاعتداء الجسدي ضد النساء. فالاعتداء يمكن أن يتجلى باستخدام الكلمات الجارحة، المهينة لكرامة ومشاعر المرأة، أو عبارات التهديد والوعيد. إننا نرفض هذه الممارسات جملة وتفصيلاً، لقد عقدنا العزم على التدخل في الوقت المناسب وبكل إصرار، حيثما تكون النساء في موقف حرج. كما نأمل أن تكون أحداث ليلة رأس السنة الميلادية الجديدة، قد جعلتنا أكثر إحساساً بأن العنف الجنسي، هو موضوع يهم المجتمع برمته. فبحسب ما تشير إليه المنظمات المدافعة عن حقوق النساء، اعني منظمات من قبيل

 "Terre des Femmes“

لا تزال تتعرض امرأة واحدة للاغتصاب الجنسي كل ثلاث دقائق في ألمانيا، علماً أن ثلاثة أرباع منهن يتم اغتصابهن من قبل أحد أفراد عائلتها أو من قبل أحد معارف أو أصدقاء العائلة. إننا إزاء وضع لا يجوز لنا السكوت عنه أبداً، إن الواجب يقتضي منا الوقوف في وجه العنف الجنسي بلا اعتبار لماهية الطرف الذي مارسه أو يمارسه.

2.محاربة العصابات المنظمة الرامية إلى ممارسة النشاطات الإجرامية

إن الكثير منا لاحظوا أو تعرضوا لاعتداءات مارستها وتمرسها في كولونيا عصابات متخصصة بارتكاب الجرائم في الشوارع والطرقات، أي بحق المارة من سكان كولونيا، عصابات تتكون في المقام الأول من مغاربة وجزائريين. وحديث سريع مع واحد جيران أوفياء، ينحدرون هم أنفسهم من المغرب أو الجزائر، يكفي للوقوف على حقيقة تفيد بأن هؤلاء الشباب، المقيمين في كولونيا عزباً لا عائلة ترعاهم - ولا علاقة لهم في واقع الأمر بموجات اللجوء، التي تشهدها ألمانيا حالياً - قد كانوا في أوطانهم الأم مجرمين، مدمنين على تعاطي المخدرات. من هنا، فإننا نسأل أنفسنا، كيف يستطيع جيراننا المنحدرون من شمال أفريقيا، معرفة هوية هؤلاء الشبان، والشكوى من بطشهم منذ أمد طويل، في حين يعجز البوليس، كما هو بين، من إلقاء القبض عليهم.

نحن، القاطنين في كولونيا، لا نستغرب أن يقف في بؤرة الأحداث، التي عصفت بمدينتنا أثناء احتفالات رأس السنة الميلادية الجديدة، عصابات تتكون من مجرمين، أفقدتهم المخدرات الشعور بالضوابط والمحرمات، ودفعتهم لأن يعرضوا للخطر شباباً ونساءً، أيضاً، سواء كانوا في محيطة محطة القطار الرئيسية أو في الشوارع والطرقات المحيطة بالمدينة القديمة. إننا لا نزال ننتظر من دولة القانون أن تضع حداً لممارسات الجناة، الذين يتعرضون للمارة بلا انقطاع، وأن تنفذ بحقهم ما يستحقون من عقوبات قانونية، وأن تطردهم من البلاد أيضاً إن تطلب الأمر ذلك. إن المقولة الأساسية، المفيدة بأن الجميع سواسية أمام القانون، تسري على الجميع، تسري بلا اعتبار للأصول والثقافة والعقيدة الدينية. إن المطلوب ليس هذا فحسب، بل المطلوب أيضاً تكريس فاعلية هذه المقولة بنحو أكثر، هناك على وجه الخصوص، حيث يعيش سوية أناس قادمون .من الكثير من بلدان وثقافات أو عقائد دينية مختلفة.

3.النتائج المترتبة على فشل السلطات في تأدية واجباتها

وإذا كان السلوك، الذي انتهجته القوى المكلفة بحفظ الأمن والسلام، في ليلة عيد رأس السنة قد أفقدنا الرشد فعلاً، فإن، البيانات، التي أذاعها على الملأ المسؤولون سياسياً ورسمياً، كانت أكثر إثارة للغضب فعلاً. حقاً لا تستطيع قوى الأمن حمايتنا من كافة مخاطر التعرض لهجوم إرهابي، بيد أن ما حدث في محيط محطة القطار الرئيسية كان بالإمكان ردعه بكل تأكيد. إن القيادة المشرفة على تنفيذ العمليات الميدانية أخطأت – لأسباب لا نزال نجهلها- في تقييم الوضع، لا بل إنها نفت الحاجة لعناصر أضافية كانت قد عُرضت عليها. وعلى خلفية ما حدث، أخذ ممثلو السلطات المختلفة يزودن السكان بمعلومات متناقضة وعارية عن الصحة في بعض الأحيان، ويتبادلون شتى الاتهامات، ويحاولون الدفاع عن أنفسهم بحجج تدعوا للاستغراب فعلاً - هل تم القبض على الجناة بالجرم المشهود أولاً، ولكن أطلق سراحهم لاحقاً لا لشيء إلا لأنه لم تكن هناك زنزانة خالية؟ وبعدما تسترت السلطات على الأصول، التي ينحدر منها الجناة، تسربت إلى وسائل الإعلام، شيئاً فشيئاً، في الأيام التالية، البراهين والأدلة والتقارير الخاصة بتنفيذ التدخلات العملية، المشيرة إلى أصول الجناة. وإذا كانت هذه الوقائع، بريئة فعلاً من سوء النية، فإنها تشير إلى عجز واضح وفوضى بينة. إلا أن الأسلوب القائم على إخفاء الحقيقة والاتهامات البينية والامتناع عن تحمل المسؤولية، ليس ظاهرة جديدة في هذه المدينة، فقد تم تطبيقه، بنحو مستمر، في حالاـت كانت أكثر خطراً.

لو كانت السلطات الأمنية قد جهدت – وهذا أمر لا نصدقه أبداً - في تكريس المواقف المنحازة، الراغبة في إشاعة الذعر من اللاجئين والساعية إلى تقويض دعائم الثقة بالدولة، فإنها ما كانت ستطيع فعل ما هو أفضل مما فعلت في ليلة عيد رأس السنة الجديدة وفي الأيام التالية على تلك الليلة. إن هذا النقد غير موجه صراحة لهذا الفرد أو ذاك من عناصر البوليس، فهؤلاء بذلوا قصارى جهدهم وعرضوا حياتهم لشتى المخاطر حماية لنا. إننا كنا ولا نزال، نثق بهم كل الثقة. إن المسؤولين مهنياً وسياسياً هم الذين، يجب محاسبتهم على عجزهم وتقصيرهم في أداء مهامهم، نعم يجب محاسبتهم سواء كانوا أعلى أو أدنى مرتبة من رئيس جهاز البوليس المحال على التقاعد.

في كولونيا بمفردها، وخلال بضعة سنوات، فشلت السلطات الأمنية، أربع مرات، فشلاً خطيراً: عقب هجمات خلية النازيين الجدد، حيث اُعتبر الضحايا جناة على مدى سنوات كثيرة، لعدم وجود أدلة أخرى، وفي العام 2014، أي خلال أعمال العنف، التي قامت بها الجماعة اليمينية المشاغبة الناشطة ضد السلفيين المسماة اختصاراً "Hogesa“، وحينما عاش وسط مدينتا، أيضاً، فراغاً أمنياً مريباً، وأخيراً خلال أحداث ليلة عيد رأس السنة الجديدة. من كل هذا نستخلص نتيجة مفادها أن السلطات الأمنية تعاني من مشاكل هيكلية، تتطلب الإصلاح بكل تأكيد. فعلى خلفية تصاعد العنف، الذي تمارسه الجمعات الجهادية والعنصرية، فإننا صرنا بأمس الحاجة لجهاز أمني فعال، ولبوليس مزود بالمعدات الضرورية، ولدولة نثق بكفاءتها ونطمئن إلى تدابيرها. إننا نتحاج إلى هذا كله لضمان استمرار النظام الديمقراطي.

4.لا رحمة مع التحريض ضد الأجانب – ألمانيا يجب أن تظل بلداً مضيافاً

الأمر المؤسف هو أن أحداث ليلة عيد رأس السنة، قد أدت إلى تصعيد التوحش السائد في النقاش الدار في صفوف الرأي العام. والضحية هاهنا هم أولئك الأفراد، في المقام الأول، المنحدرون من أصول أجنبية، فهؤلاء باتوا يواجهون اتهامات شمولية لا تميز بينهم وبين الجناة، وأمسوا في كثير من الأحيان يتعرضون لاعتداءات كلامية أو جسدية لا تعرف الرحمة. فبما أن عدداً كبيراً من شبان عرب قد اعتدوا، خلال الاحتفالات بعيد رأس السنة الجديدة، بنحو غاشم على نساء كثيرات، لذا يدور في أوساط الرأي العام زعم مفاده أن الرجل العربي أو المسلم، يميل أساساً لممارسة العنف الجنسي. إن هذا المنظور لا يفتقر للإنصاف فحسب، بل هو يتصف بالخطأ أيضاً. هل نحن بحاجة للإشارة إلى أن أخر عمليات الاغتصاب الجماعي في أوربا، قد اقترفها قبل زمن ليس بالبعيد، مسيحيون وان الضحايا كن نساء مسلمات؟ أعني خلال الحرب في البوسنة والهرسك. فهل انسحبت هذه الجرائم على مجمل الثقافة المسيحية؟ لا أبداً. ولا بد من التذكير هاهنا، بالكفاح الشاق، الذي قادته النساء في ألمانيا أيضاً، في سياق إصرارهن على مساواة المرأة بالرجل وفي عدم تعرضهن للاعتداءات.

وليس الأفراد فحسب، بل والمجتمعات والثقافات أيضاً، لديهم القدرة على التعلم وعلى الخضوع لسنة التغيير. إننا ندرك جيداً، أن بعض اللاجئين تخيم عليها تصورات عن المرأة، تتناقض مع تصوراتنا بشأن المساواة بين المرأة والرجل. من هنا، فإننا مطالبون ببذل المزيد من الجهد، لأن تكون دروس تعلم مبادئ اللغة الألمانية، فرصة سانحة لتعلم القيم، التي يشير إليها الدستور الألماني بنحو يدعو للاحترام والتقدير. إن تنفيذ هذا كله يفرض تكريس الجهود المبذولة حتى الآن. بيد أن الثراء الثقافي والمادي، الذي أسبغته الهجرة إلى كولونيا خلال ما يزيد على ألف عام، يبين لنا بوضوح أن تنفيذ متطلبات الإندماج هدف يستأهل الجهد وممكن التحقق.

وبحسب القانون الأساسي، الدستور، الذي يشكل الإطار العام الضروري للعيش في مجتمعنا، فإن حق اللجوء أحد الحقوق الأساسية. إننا نشعر بالفخر والاعتزاز إزاء استقبال غالبية الألمان اللاجئين بترحيب حار وبمساعدات قيمة في فصل الخريف المنصرم. كما وقع من نفسنا موقعاً لطيفاً، حينما لاحظنا مبلغ الشكر الذي كنه الجزء الأعظم من اللاجئين لكرم الضيافة، الذي لمسوه في ألمانيا. كما نعترف عن طيب خاطر، بأن السلطات قد ذللت المصاعب وواجهت بنجاح كبير التحديات، الناشئة عن تلبية حاجات ما يزيد على مليون من المهاجرين الجدد، وصلوا البلاد خلال بضعة شهور، نقول هذا برغم وجود مناحي نقص ظهرت هنا وهناك. كما سنظل واثقين بأن جمهورية ألمانيا الاتحادية قادرة على مواجهة التحديات بنجاح، وعلى تصعيد قدراتها بنحو مواز لتصعيد التحديات.

على صعيد آخر، فإننا ندرك جيداً، أن استمرار تدفق اللاجئين بلا قيود، وبالمستويات التي لاحظناها منذ فصل الخريف، أمر لا يمكن استمراره مدة طويلة. بيد إننا نرى أن الاقتراحات المبسطة، الرامية إلى وضع سقف علوي أو إلى إغلاق الحدود الألمانية النمساوية، لا تتصف بالواقعية أبداً. إن سياسة الهجرة الناجحة والإنسانية والعادلة والطويلة المدى، لا تتحقق إلا في الإطار الأوربي. من هنا، فإن همنا لا يقتصر على ألمانيا في المقام الأول، بل على أوربا بالدرجة الأولى، فثمة بواد عديدة تشير إلى أن  تصاعد المشاعر القومية بات يشكل خطراً يوحي باحتمال خسارة أوربا خصائصها.

Die Unterzeichner aus Köln, Düsseldorf und Bonn

Köln: 

 

Stefan Bachmann, Intendant des Schauspiels 

 

Fatih Cevikkollu, Kabarettist 

 

Navid Kermani, Schriftsteller 

 

Mariele Millowitsch, Schauspielerin 

 

Wolfgang Niedecken, Musiker 

 

Frank Schätzing, Schriftsteller 

 

Werner Spinner, Präsident des 1. FC Köln 

 

Rosemarie Trockel, Künstlerin 

 

Rainer Maria Kardinal Woelki, Erzbischof 

 

Christiane Woopen, Medizinethikerin (Deutscher Ethikrat) 

 

***

Düsseldorf: 

 

Bettina Böttinger, Moderatorin 

 

Andreas Gursky, Fotokünstler 

 

Alexander Kluge, Filmemacher 

 

Suzanne Oetker-von Franquet, Vorsitzende Bürgerstiftung

 

***

Bonn: 

 

Norbert Blüm, Bundesminister a.D. 

 

Monika Wulf-Mathies, ehem. Vorsitzende Gewerkschaft ÖTV 

 

Ashok Sridharan, Oberbürgermeister 

 

Michael I. und Bonna Tiffany I., Prinzenpaar 2016


Copyright © 2024 MAGDE / All rights reserved.